إن السعي الحثيث لرضا العملاء يقوم أول ما يقوم على رضا العامل، فالاهتمام بالعامل اهتمام بالعميل ولا شك. إن العامل الراضي يبث رضاه حسًا ومعنى عبر تعاملاته المختلفة مع العملاء. وهو ألصق بالعملاء وبمدى احتياجاتهم من القيادات المختلفة في الشركة. وهو محور العلاقة بين توجيهات القيادة في الشركة ومتطلبات العملاء.  فالتوجيهات القيادية للعناية بالعملاء وإدراج هذا المعنى في قيم الشركة والتغني به في الملصقات والإعلانات إذا لم يكن قبله اهتمام بالعامل وحرص عليه وتحسين لتجربته فهو جهد شبه ضائع لأن

“تحسين تجربة العامل تعني تحسين تجربة العميل”

إن المحك الأساسي لتحسين تجربة العامل مبني على إحساس العامل بصدق التعامل معه في كل شؤونه.  فالعاملون والموظفون يسمعون ما لا نقوله أكثر مما يسمعون ما نقول وهم يقرأون ما بين السطور وينفذون ببصائرهم إلى قلوبنا قبل أن ترى أعينهم أجسادنا! فالموظف الذي يرى مديرًا أمينًا صادقًا متفهمًا سيعطي ما لا يعطيه الموظف الذي يحس أن الإدارة  تتعامل معه كعامل عليه واجبات وليس له حقوق 

الشركات التي تدرك العلاقة الحيوية بين الاحتفاظ بالموظفين والاحتفاظ بالعملاء ورضاهم ستعطي الأولوية لخلق بيئة عمل تعزز ولاء الموظفين ومشاركتهم وحرصهم على الشركة وشعورهم بالانتماء تجاهها فتكون هذه الشركات أكثر نجاحًا في تحقيق أهدافها

الموظفون السعداء والمخلصين هم أقوى دعاية للعلامة التجارية داخل وخارج مكان العمل. عندما يشعر الموظفون بالتقدير والدعم، فإنهم يصبحون سفراء للعلامة التجارية، ويعززون قيم المؤسسة وخدماتها. ومن المرجح أن يوصي الموظفون الراضون بالشركة للأصدقاء والعائلة والمعارف، مما يؤدي إلى اكتساب عملاء جدد، من ناحية أخرى تؤدي سعادة ورضا الموظفين إلى انتشار أخبار الشركة والحديث عنها على وسائل التواصل الاجتماعي مما يجعلها تكتسب سمعة جيدة من خلال موظفين راضين وسعداء

إن أول لبنة في رضا العامل هي إعطاءه حقوقه الوظيفية والصحية والمالية، وعلى قيادات الشركات والمؤسسات أن يتفقدوا هذا الجانب ويلوه جل عنايتهم، ولاسيما أولئك العاملون الضعفاء الذين يعملون ساعات طويلة في أماكن غير صحية آو نائية أو في أعمال شاقة بمرتبات متدنية أو غير ذلك

إن هذا النوع من العناية بالعامل والموظف ولاسيما من القيادات العليا سيكون له الأثر الكبير على رضا العاملين جميعا وتفانيهم وإخلاصهم.  إن هذا النوع من الاهتمام بالعامل سيعطيه الإحساس بالأمان وأنه يعمل في شركة تضمن له حقوقه الأساسية وتهتم به وتراعي ظروفه وحينها لا تسل عن اهتمامه هو بشركته وعملائها ومراعاته لظروفها في أوقات أزماتها

إن هذا المعنى اللطيف في العناية بالعاملين ولاسيما الطبقة الدنيا منهم والتي تمثل كل العاملين في الشركة غالبا، قد تطرقت له القيادة الإسلامية قديمًا وحثت عليه وجعلته مصدرًا رئيسيًا للنصر والرزق. قال صلى الله عليه وسلم ” ابغوني ضعفاءكم، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم “.  فإذا كان قائد الأمة يبحث عن الضعفاء ويتفقد أحوالهم ويتلمس النصر والرزق من خلالهم، فالقيادات المختلفة الأخرى أولى وأحرى. فها قد رأيت أن العناية بالعامل عناية بالعميل وهي مصدر رئيسي للنصر والرزق

 

إن الاستثمار في العناية بالموظفين هو خطوة استراتيجية تؤتي ثمارها في بناء قاعدة عملاء مستدامة وتحقيق نجاح تجاري طويل الأجل